کد مطلب:306521 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:253

ضیوف الرحمن فی بیت خدیجة


... ترقبت السماء و ملائكتها و حورها (ظهور) ذلك النور، لیأذن لها ربها كی تتشرف بأعظم كرامة عرفها الملكوت ألا و هی:

التمسح بذلك النور، فترآی كوكب درّی بازغ فی كبد السماء اذ رنت نحوه العیون، رأته محیاً رائعاً خلف نقاب من السحاب، تكاد غُرّته النوریة تسفر و تهب الدنیا ببشیر نورها... ثم لا یكاد حتی یهبط الارض حاملاً معه بین طیاته فرحة عظیمة لخدیجة... و هی تنثر زنابق الجنان علی رأس اُم الزهراء.

فتحت خدیجة جفنیها المتعبتین و قد حوطتها هالة من الحزن.

ففزعت لما رأت تلك الانوار، و شمت تلك العطور و احست بقلبها یغوص فی جوفها، والدماء تنجمد فیه.

فأغمضت عینیها لتّمكنها من تفهم ما رأته، انه حقیقة لا رؤیا.

لكن صوتاً مهیباً ناعماً حازماً یوقض سمعها، و هو ینادیها:

(السلام علیك یا اُم المؤمنین).. ففتحت الام جفهینا كتفتح ازهار القداح... و اخذت تحدق بمن حولها، و طرفها تملئه قطرات من دموع... فما تلك الانوار إلّا


لتذكرها بأنوار الملكوت حین نزول الوحی، فاطمئن منها الحال.

فردت سلامهن، و قد خالجتها مشاعر و احاسیس، فلربما كنّ من نساء قریش الشریفات، لكنهن انظر و اجمل ما رأت فی حیاتها، فما لباسهن إلّا حریر تفوح منه عطور، ما شمتها من قبل و عیونهن اشبه بأن تكون لألی ء، یكاد بریقها یتسلق السحاب.

فقلن لها:- (لا تحزنی اننا رُسل ربك جئنا نلی منك ما تلی النساء من النساء) [1] .

.. فدرنّ الشریفات حول خدیجة، و هنّ یغمرنها بأفصح واجمل الكلمات التی تطمئنها.

فأسترخت اعظائها.. ثم مدت ببصرها نحو السماء فرأتها فی غایة الجمال و الفتنة.. و قد انتشر فیها حمام أبیض یرفرف، و یصدر هدیلاً جمیلاً.. و یحوم حول الحمام المئات من العصافیر و البلابل، و هی تغرد بأعذب الالحان و اجملها.. فتغیب اصوات الغربان، و یحل محلها اناشید بین هدیل و تغرید، فتجعل من الاصیل صافی الزرقة، حاملاً معه عطراً یجود به علی العالمین.

فالتفتت نحوهنّ و نظراتها تحمل حناناً فائقاً.

ان خدیجة ترثی علی اللائی لم ینلنّ التشرف بمولد ابنتها.

وها هی رحمة الخالق تسع قلب خدیجة بهدیة السماء لها [2] .



[1] اخرجه محب الدين الطبري في ذخائره ص 44 قال: فلما ارادت خديجة ان تضع بعثت الي نساء قريش لتأتينها فيلين منها ما تلي النساء من النساء ممن تلد، فلم يفعلن و قلن: (لا نأتيك و قد صرت زوجة محمد صلي اللَّه عليه و آله و سلم) فبينما هي كذلك إذ دخل عليها اربع نسوة عليهن من الجمال والنور ما لا يوصف فقالت لها احداهن: (انا اُمك حواء) و قالت الاُخري (انا آسية بنت مزاحم) و قالت الاُخري: (انا كلثم اُخت موسي) و قالت الاخري (انا مريم بنت عمران ام عيسي) جئنا لنلي من امرك ما تلي النساء.

[2] وسيلة المآل ص 77 المكتبة الظاهرية- دمشق، ذخائر العقبي ص 44 مكتبة القدس بمصر، نزهة المجالس ج 2 ص 227، ينابيع المودة ص 198 ط اسلامبول.